مقابلة شخصية مع الليثيوم
في عام 1997 م احتفل الليثيوم بذكرى مرور 180 عام على اكتشافه الذي تفضل مشكورا بقبول هذه المقابلة رغم انشغاله الدائم السيد الليثيوم .. ونحن نشكرك على حضورك وإعطائنا بعض الوقت ...
v في البداية ..سيدي الليثيوم ..ما هي قصة اكتشافك ؟ ولماذا أطلق عليك هذا الاسم ؟
أشكركم على دعوتكم الكريمة واشكر الأخوة القائمين على المؤسسة التعليمية المتكاملة ..وأنا من مدة طويلة أرقبكم وأعجبني جهدكم العلمي المميز ..
أما فيما يختص بسؤالك .. تعود قصة اكتشافي إلى عام 1817م حيث كان الكيميائي السويدي ارفدسون في مختبره الهادئ يحلل معدن "الباتليت" المأخوذ من منجم اوتو قرب استوكولم، فيجد في كل مرة أن مجموع نسب جميع مكونات المعدن يساوي 96 في المائة. وراح ارفدسون يجري التجربة تلو التجربة ليعرف أين اختفت النسبة الباقية البالغة 4 في المائة .
وأخيرا اكتشفني هذا العالم بصورة فلز قلوي جديد،وقرر تسميتي بالليثيوم (وهذا الاسم مشتق من الكلمة اليونانية Lithos التي تعني الحجر ) لأنني اكتشفت في معدن خلافا لإخواني المجاورين لي البوتاسيوم والصوديوم اللذين اكتشفا لأول مرة في المواد العضوية .
v يقال أن دمك خفيف جدا فما هو تعليقك ؟
في الحقيقة انه ليس لي منافس بين الفلزان في مجال الخفة .فانا اخف من الماء مرتين تقريبا ،ومن الالمنيوم بخمس مرات. في حين ان الحديد دمه اثقل مني بخمس عشرة مرة !، والازميوم بأربعين مرة .
v إن حفظك ليس بالأمر السهل فما السبب ؟
هذا يعود إلى نشاطي في التفاعل مع العناصر الأخرى. فإذا كان الصوديوم مثلاً ،يحفظ في الكيروسين أو البنزين، فان هذه الطريقة لا تصلح لحفظي، لأنني خفيف جدا ،ولهذا أعوم على السطح واشتعل في الحال، ولذلك يتم الاحتفاظ بي عن طريق غمسي في حمام من الفازلين أو البارافين لتغطية سطحي وعدم السماح لي بالتفاعل
v ما مدى العلاقة الغرامية التي تربطك بالهواء ؟
أنا أتفاعل بنشاط مع نيتروجين وأكسجين الهواء حتى في درجة حرارة الغرفة.ولكن تفتعلي مع النيتروجين اشد وأقوى ، إذ تستطيع كمية ضئيلة مني،امتصاص حجوم هائلة من هذا الغاز .
فالكيلوجرام الواحد من هيدريد الليثيوم يحتوى على 2800 لير من الهيدروجين. ولهذا السبب كان الطيارون الأمريكان في الحرب العالمية الثانية يحملون معهم أثناء الطيران حبات صغيرة من هيدريد الليثوم (مركب الليثيوم مع الهيدروجين) كمصدر يساعدهم على النجاة إذا أصيبت الطائرة وسقطت في عرض البحر. وذلك إن هذه الحبات تتفكك فورا بفعل الماء، وتطلق الهيدروجين الذي يملئ بدوره وسائل الإنقاذ كقوارب وأحزمة النجاة وغيرها .
v كان استخدامك ينحصر أساسا في مجال الطب –كعلاج ضد مرض النقرس، ثم تبين أن لك فوائد أخرى فهل تحدثنا عن بعضها ؟
إن لمركباتي قدرة عالية جدا على امتصاص الرطوبة، ولذلك فهي تستخدم الآن على نطاق واسع لتنقية الهواء في الغواصات ،ووحدات التكييف، وأقنعة التنفس المستخدمة في الطائرات .
وأقوم كذلك بدور المسرع في صناعة الألمنيوم،إذ أن إضافة مركباتي إلى الاليكتروليت ترفع إنتاجية جهاز التحليل الكهربائي المخصص للحصول على الألمنيوم .
وكذلك تم تصميم بطارية كهربائية جديدة،يتألف احد اليكتروديها من الليثيوم، فتبين أن احتياطي الطاقة في هذه البطارية اكبر بست أو سبع مرات منه عند أسلافها المصنوعة من الزنك .
v ما هي علاقتك بعلماء الفلك ؟
لا يستطيع علماء الفلك بواسطة المراصد الفلكية العادية التقاط أو رصد الأشعة الصادرة عن الكواكب البعيدة جدا، ولكن العدسات المصنوعة من بلورات فلوريد الليثيوم تساعدهم على التغلغل في أعماق الكون واكتشاف أسراره. ولهذا يحتل فلوريد الليثيوم المركز الأول بين جميع المواد المعروفة في علم البصريات من حيث شفافيته الكبيرة للأشعة فوق البنفسجية .
v في الآونة الأخيرة بدأت صناعة الصواريخ تعيرك اهتماما جديا...لماذا ؟
المعلوم انه ينبغي صرف طاقة كبيرة للتغلب على قوة الجاذبية الأرضية،والانطلاق إلى الفضاء الكوني،فالصاروخ الذي دفع المركبة التي حملت أول رائد فضاء في العالم يوري جاجارين ،كان يحتوي على ستة محركات تبلغ قوتها 20 مليون حصان بخاري، أي ما يعادل قدرة 20 محطة كهربائية.
وطبيعي أن اختيار الوقود لمثل هذه الصواريخ قضية هامة جدا .والوقود المفضل حتى الآن لهذا الغرض هو الكيروسين المؤكسد بالأكسجين الذي تبلغ قيمته الحرارية 2300 كيلوكالوري / للكيلوجرام الواحد، في حين تتولد عند احتراق كيلو جرام واحد من الليثيوم حرارة مقدارها 1027 كيلوكالوري.
ولكن المشكلة إن الليثيوم يعتبر عضوا نادرا نسبيا على الأرض حيث لا يشكل إلا 0.0065 % فقط من القشرة الأرضية .
v أين يمكن العثور عليك بكميات كبيرة ؟
في الجرانيت، إذ انه يوجد في الكيلومتر المكعب من الجرانييت 112 ألف طن من الليثيوم ،ولهذا ينهمك العلماء حاليا في التفتيش عن وسائل فعالة لإجبار الجرانييت على تقاسم ثروته مع الإنسان. وسيفلحون في ذلك حتما إن شاء الله العليم .
وفي ختام لقاءنا هذا نتقدم بالتقدير والعرفان لتفضلك معنا في موقع نحو الكيمياء.ونتمنى لك رحلة أكثر سعادة ونجاح اكبر في رحلة الحياة .
في عام 1997 م احتفل الليثيوم بذكرى مرور 180 عام على اكتشافه الذي تفضل مشكورا بقبول هذه المقابلة رغم انشغاله الدائم السيد الليثيوم .. ونحن نشكرك على حضورك وإعطائنا بعض الوقت ...
v في البداية ..سيدي الليثيوم ..ما هي قصة اكتشافك ؟ ولماذا أطلق عليك هذا الاسم ؟
أشكركم على دعوتكم الكريمة واشكر الأخوة القائمين على المؤسسة التعليمية المتكاملة ..وأنا من مدة طويلة أرقبكم وأعجبني جهدكم العلمي المميز ..
أما فيما يختص بسؤالك .. تعود قصة اكتشافي إلى عام 1817م حيث كان الكيميائي السويدي ارفدسون في مختبره الهادئ يحلل معدن "الباتليت" المأخوذ من منجم اوتو قرب استوكولم، فيجد في كل مرة أن مجموع نسب جميع مكونات المعدن يساوي 96 في المائة. وراح ارفدسون يجري التجربة تلو التجربة ليعرف أين اختفت النسبة الباقية البالغة 4 في المائة .
وأخيرا اكتشفني هذا العالم بصورة فلز قلوي جديد،وقرر تسميتي بالليثيوم (وهذا الاسم مشتق من الكلمة اليونانية Lithos التي تعني الحجر ) لأنني اكتشفت في معدن خلافا لإخواني المجاورين لي البوتاسيوم والصوديوم اللذين اكتشفا لأول مرة في المواد العضوية .
v يقال أن دمك خفيف جدا فما هو تعليقك ؟
في الحقيقة انه ليس لي منافس بين الفلزان في مجال الخفة .فانا اخف من الماء مرتين تقريبا ،ومن الالمنيوم بخمس مرات. في حين ان الحديد دمه اثقل مني بخمس عشرة مرة !، والازميوم بأربعين مرة .
v إن حفظك ليس بالأمر السهل فما السبب ؟
هذا يعود إلى نشاطي في التفاعل مع العناصر الأخرى. فإذا كان الصوديوم مثلاً ،يحفظ في الكيروسين أو البنزين، فان هذه الطريقة لا تصلح لحفظي، لأنني خفيف جدا ،ولهذا أعوم على السطح واشتعل في الحال، ولذلك يتم الاحتفاظ بي عن طريق غمسي في حمام من الفازلين أو البارافين لتغطية سطحي وعدم السماح لي بالتفاعل
v ما مدى العلاقة الغرامية التي تربطك بالهواء ؟
أنا أتفاعل بنشاط مع نيتروجين وأكسجين الهواء حتى في درجة حرارة الغرفة.ولكن تفتعلي مع النيتروجين اشد وأقوى ، إذ تستطيع كمية ضئيلة مني،امتصاص حجوم هائلة من هذا الغاز .
فالكيلوجرام الواحد من هيدريد الليثيوم يحتوى على 2800 لير من الهيدروجين. ولهذا السبب كان الطيارون الأمريكان في الحرب العالمية الثانية يحملون معهم أثناء الطيران حبات صغيرة من هيدريد الليثوم (مركب الليثيوم مع الهيدروجين) كمصدر يساعدهم على النجاة إذا أصيبت الطائرة وسقطت في عرض البحر. وذلك إن هذه الحبات تتفكك فورا بفعل الماء، وتطلق الهيدروجين الذي يملئ بدوره وسائل الإنقاذ كقوارب وأحزمة النجاة وغيرها .
v كان استخدامك ينحصر أساسا في مجال الطب –كعلاج ضد مرض النقرس، ثم تبين أن لك فوائد أخرى فهل تحدثنا عن بعضها ؟
إن لمركباتي قدرة عالية جدا على امتصاص الرطوبة، ولذلك فهي تستخدم الآن على نطاق واسع لتنقية الهواء في الغواصات ،ووحدات التكييف، وأقنعة التنفس المستخدمة في الطائرات .
وأقوم كذلك بدور المسرع في صناعة الألمنيوم،إذ أن إضافة مركباتي إلى الاليكتروليت ترفع إنتاجية جهاز التحليل الكهربائي المخصص للحصول على الألمنيوم .
وكذلك تم تصميم بطارية كهربائية جديدة،يتألف احد اليكتروديها من الليثيوم، فتبين أن احتياطي الطاقة في هذه البطارية اكبر بست أو سبع مرات منه عند أسلافها المصنوعة من الزنك .
v ما هي علاقتك بعلماء الفلك ؟
لا يستطيع علماء الفلك بواسطة المراصد الفلكية العادية التقاط أو رصد الأشعة الصادرة عن الكواكب البعيدة جدا، ولكن العدسات المصنوعة من بلورات فلوريد الليثيوم تساعدهم على التغلغل في أعماق الكون واكتشاف أسراره. ولهذا يحتل فلوريد الليثيوم المركز الأول بين جميع المواد المعروفة في علم البصريات من حيث شفافيته الكبيرة للأشعة فوق البنفسجية .
v في الآونة الأخيرة بدأت صناعة الصواريخ تعيرك اهتماما جديا...لماذا ؟
المعلوم انه ينبغي صرف طاقة كبيرة للتغلب على قوة الجاذبية الأرضية،والانطلاق إلى الفضاء الكوني،فالصاروخ الذي دفع المركبة التي حملت أول رائد فضاء في العالم يوري جاجارين ،كان يحتوي على ستة محركات تبلغ قوتها 20 مليون حصان بخاري، أي ما يعادل قدرة 20 محطة كهربائية.
وطبيعي أن اختيار الوقود لمثل هذه الصواريخ قضية هامة جدا .والوقود المفضل حتى الآن لهذا الغرض هو الكيروسين المؤكسد بالأكسجين الذي تبلغ قيمته الحرارية 2300 كيلوكالوري / للكيلوجرام الواحد، في حين تتولد عند احتراق كيلو جرام واحد من الليثيوم حرارة مقدارها 1027 كيلوكالوري.
ولكن المشكلة إن الليثيوم يعتبر عضوا نادرا نسبيا على الأرض حيث لا يشكل إلا 0.0065 % فقط من القشرة الأرضية .
v أين يمكن العثور عليك بكميات كبيرة ؟
في الجرانيت، إذ انه يوجد في الكيلومتر المكعب من الجرانييت 112 ألف طن من الليثيوم ،ولهذا ينهمك العلماء حاليا في التفتيش عن وسائل فعالة لإجبار الجرانييت على تقاسم ثروته مع الإنسان. وسيفلحون في ذلك حتما إن شاء الله العليم .
وفي ختام لقاءنا هذا نتقدم بالتقدير والعرفان لتفضلك معنا في موقع نحو الكيمياء.ونتمنى لك رحلة أكثر سعادة ونجاح اكبر في رحلة الحياة .